الثلاثاء، 11 مايو 2010

البـعـد الـدولـي للـديمقـراطيـة

البـعـد الـدولـي للـديمقـراطيـة





أ.د/ محمد محمد سعيد الشعيبي
أستاذ القانون الدولي
كلية الحقوق ـ جامعة تعز


مــقــدمــة

تعتبر الديمقراطية محور تغيير ودفع بالحياة بكل أبعادها وفي مختلف تجلياتها إلى أرقى مستوياتها التي ينشدها الإنسان.
ويمكن القول أن النظام الديمقراطي أصرح وسائل التعبير عن حقوق الإنسان ومبادئ العدل والمساواة.
ولقد مرت الديمقراطية بمراحل تاريخية تجاذبها الفكر الإنساني وأودعها خلاصات وضاءة زادتها رسوخاً ونجاحاً.
وأمام كل مزايا الديمقراطية أصبح هم تنميتها وحمايتها واجباً على الدول بمجموعها، ومن هنا تبرز أهمية دراسة البعد الدولي للديمقراطية، وهو محور هذا البحث كخطوة للإجابة على تساؤلات منها ما هو مفهوم الديمقراطية وما هي مرتكزاتها؟ وهل أخذت موقعاً مناسباً في المواثيق الدولية والإقليمية؟
وتأتي في ثنايا هذا البحث إشارات مختصرة تحاول الإجابة على تلك التساؤلات.
وقد انتظمت خطة الدراسة في مبحثين رئيسين الأول يتحدث عن مفهوم الديمقراطية وأبرز المصطلحات المصاحبة لمضمونها وأبرز مرتكزاتها والمبحث الثاني يتناول موقف المواثيق الدولية من الديمقراطية وذُيل البحث بالخاتمة والتوصيات.
المبحث الأول
الديمقراطية: مفهومها ـ مرتكزاتها ـ المصطلحات ذات العلاقة بها
لكون الديمقراطية تمثل هدفاً يقوم على القيم المشتركة بين مختلف الشعوب، سعى المجتمع الدولي منذ بداية التفكير بنظام عالمي جديد قبيل الحرب العالمية الثانية إلى التشديد على أن مسألة قيام أي نظام سياسي على أسس ديمقراطية من شأنه تحقيق الأمن والسلم الدوليين، وتحقيق التعاون بين مختلف الشعوب، لذا كان من المرتكزات الأساسية لهذا النظام الانطلاق من مسلمة أن إقامة نظام ديمقراطي بالنسبة للقانون الدولي يعد حقاً أساسياً تناضل من أجله كل شعوب الأرض.
وحتى نتمكن من تأكيد مسألة الحق في إقامة نظام ديمقراطي وفقاً لأحكام القانون الدولي لابد أولاً من الوقوف على ماهية الديمقراطية وعلاقتها بالمصطلحات المقاربة لها، ثم المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها وذلك من خلال ثلاثة مطالب:
المطلب الأول
مـاهـيـة الـديـمـقـراطـيـة
قبل الخوض في موقف المواثيق الدولية من الديمقراطية نرى ضرورة الإشارة إلى ماهية الديمقراطية وفحواها من خلال السطور التالية:
مصطلح الديمقراطية:
الديمقراطية مصطلح يوناني الأصل يعني حكم الشعب، إلا أن مفهومه من ناحية أولى قد تطور عبر الزمن حتى تحول إلى حكم الأغلبية مع ضمان حقوق الأقلية(1).
ومن ناحية ثانية تعددت مفاهيم هذا المصطلح بتعدد النظريات السياسية وكذا بتعدد الثقافات والمجتمعات والشعوب والظروف الموضوعية(2)، ولكن هذا التعدد بدأ يتلاشى بفعل تطور القانون الدولي والسياسة الدولية، بحيث يكاد يجمع العالم على بعض ملامح الديمقراطية الأساسية.
فبالرغم من أن بعض المنظرين والفلاسفة حاولوا تحويل الأنظمة السياسية في العالم إلى الدكتاتورية بهدف ضمان الأمن الداخلي إلا أن الديمقراطية مفهوم سياسي تم تدويله عبر أربع موجات عالمية في العصر الحاضر، ونص القانون الدولي والإعلانات الدولية على عناصره الأساسية، بحيث أصبح القانون الدولي ينظم الديمقراطية عبر جوانب مختلفة.
وسوف نبين هنا مفهوم الديمقراطية في الفقه والنظريات السياسية وفي ضوء أحكام القانون الدولي، حيث عرفها أبراهام بأنها " حكومة الشعب بواسطة الشعب ومن أجل الشعب" فحكومة الشعب تعني أن السلطة شعبية وشرعية عبر انتخابات، وغير دائمة، و "بواسطة الشعب" تعني ضرورة مشاركة كل الشعب في السلطة باعتبارها حق لهم، ومن أجل الشعب تعني أنه المستفيد الأصلي من السلطة وهو ما يعني حقه في الرقابة على السلطة(3)، كما أن الديمقراطية كمذهب فلسفي تعني أن الشعب هو مالك السلطة ومصدرها الوحيد، وهي مسألة عقيدة وإيمان، وعقل وقلب وليست "زبده وخبز"(4).
عقيدة واقتناع فلسفي، وتصور سياسي، كما أنها تقوم أساساً على التعدد في المشرحين والبرامج السياسية.
تحولت الديمقراطية من مذهب فلسفي نادى به أفلاطون، وجاك روسو وغيرهم إلى نظام حكم حقيقي في القوة الفرنسية التي انتهجت الديمقراطية كأول دولة، ثم جاء إعلان حقوق الإنسان الفرنسي عام 1789م ونص على مبادئ الديمقراطية، وهي: الأمة مصدر السلطة، وحرية الأفراد ومبدأ المساواة واحترام حقوق الأفراد المواد (1 ، 2 ، 3 ، 6) منه، كما أن الديمقراطية يمكن تطبيقها في النظام الملكي، ولكنها عززت بظهور النظام الجمهوري في أمريكا 1765م، الذي يعني "انتخاب رئيس الدولة لمدة مؤقتة"، وبالتالي فإن النظام الجمهوري ذو معنى واضح ومحدد بعكس مفهوم الديمقراطية الملكية(5).
ويمكن تعريف الديمقراطية بأنها نظام بموجبه يكون الحكم والإدارة للشعب بوسائل تكفل اختيار الحاكم بحرية تامة، لا يعتريها وجه من وجوه الإكراه المباشر أو غير المباشر، ويمارس فيها الحاكم صلاحياته من خلال مؤسسات وبآليات يحدد مسارها الدستور والقوانين النافذة.
والمفهوم السائد للديمقراطية هو المفهوم الغربي، الذي يعني أنها نظام سياسي، روحي يهدف إلى تحرير الفرد من سيطرة الملوك والكنيسة واحترام حقوق الأفراد، ويرتكز على المذهب الفردي الحر، وتقوم الديمقراطية على ركنين هما اعتبار الشعب مصدر السلطة الوحيد، والثاني ضمان الحقوق والحريات العامة للأفراد، ووسيلة إسناد السلطة في الديمقراطية هي الانتخابات(6).
والديمقراطية الغربية تتعارض مع أنظمة الحكم الفردية، كما في نظام الملكية المطلقة، والحكومات الدكتاتورية سواءً كانت مذهبية كالنظام النازي أو تجريبية، وتتعارض أيضا مع حكومة الأقلية التي تدعى التمييز العنصري للفئة الحاكمة(7).
أما النظرية الاشتراكية فترى أن الديمقراطية هي وسيلة للوصول إلى المجتمع الاشتراكي، بواسطة الحزب الواحد، والاشتراكية الاقتصادية(8)، والعجيب أن روسيا طبقت الديمقراطية الغربية منذ عشر سنوات ولكن بعض الدراسات أكدت أن الشعب الروسي في معظمه يفضل الاشتراكية.
أما الإسلام فقد اخذ بمبدأ الشورى، الذي يماثل الديمقراطية، وينص على مبادئها المتمثلة في سيادة القانون وحرية الرأي ومبدأ الرقابة.
ويتضح أن الفقه السياسي والدستوري يعني بالديمقراطية نظام سياسي يقوم على ركنين ومجموعة من العناصر والمرتكزات الموضوعية والإجرائية التي تكفل تحقيق الديمقراطية، أي أنها نظرية سياسية يصعب تعريفها في سطر أو سطرين، ولذلك عرفها البعض بأنها: "تعني بالإضافة إلى المؤسسات والانتخابات أنها نظام سياسي يرتكز على أساس تداول السلطة داخل الحكومة وفي المجتمع أيضاً، لتكون السلطة موزعة ومؤقتة وشفافة"(9).
ورغم الدعوات العالمية السياسية والقانونية إلى الديمقراطية، إلا أننا نسجل الملاحظات الآتية بشأن مفهوم الديمقراطية على المستوى الدولي:
1) لم يطالب الفكر القانوني بوضع تعريف محدد للديمقراطية، كما يطالب بتعريف الإرهاب، وذلك لأن الديمقراطية تعني توافر مجموعة من العناصر الموضوعية والإجرائية في النظام السياسي للدولة، بالإضافة إلى المتطلبات الثانوية، ولكنها تتلخص في التعريف القائل بأنها "حكومة الشعب، بواسطة الشعب، ولأجل الشعب"، ومع ذلك فاللبس حاصل في تعريفها مع وجود شبه اتفاق على عناصرها.
وهو ما التبس على الأمين العام للأمم المتحدة الذي قال في الدورة (51) للجمعية العامة بأن لفظة الديمقراطية لم ترد في الميثاق، وهي :"نحن شعوب الأمم المتحدة"، أي أن مصدر السلطة وأساس الميثاق هو "إرادة شعوب الأمم"، وليس إرادة حكامها، كما أن الميثاق ألزم الدول باحترام حقوق رعاياها، وأكد على مبدأ المساواة وحق تقرير المصير(10).
2) وبسبب نشاط الجمعية العامة في نشر الديمقراطية، الذي تزايد بعد الحرب الباردة، فقد قامت هي ولجنة حقوق الإنسان بتوضيح مفهوم الديمقراطية الذي يريده القانون الدولي الجديد، من خلال فحص الديمقراطية من منظور حقوق الإنسان، عبر مجموعة من القرارات التي تهدف إلى توضيح مفهومها، وبيان المبادئ والمسارات والمؤسسات لإرساء الديمقراطية من خلال إطار قانوني وإداري منظم(11).
وقد تأثرت مداولات الجمعية العامة واللجنة، بالمداولات التي تمت في المؤتمرات الدولية الأخيرة وأهما المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، والمؤتمرات الدولية للديمقراطية الجديدة، وقد عقد الأول في مكانيلا 1988م، والثاني في مانجوا 1994م، والثالث في بوخارست 1997م، والرابع في كوتونو 2000م، والخامس في أولانباتار2003م، وعند انعقاد أكبر مؤتمر دولي للديمقراطية في القاهرة 1997م، والذي صدر عنه مشروع الإعلان العالمي للديمقراطية، لم يظهر تعريف محدد للديمقراطية، بل ورد النص في مفهومها العام، وعناصرها في الجزء الأول، حيث نص على أن الديمقراطية هي مبدأ معترف به عالمياً، كما أنها هدف يقوم على القيم المشتركة لكل الشعوب وهي الحق الأساسي للمواطن، تجرى ممارسته في مناخ من الحرية والمساواة والشفافية والمسئولية مع احترام تعدد الآراء للصالح العام، وهي شكل من أشكال الحكم يطبق وفقاً لنظم تعكس تنوع الخبرات والخصوصيات الثقافية، دون أن تتخلى عن المبادئ والمعايير المعترف بها عالمياً(12).
كما أن الإعلانات والمواثيق الدولية تناولت جوانب للديمقراطية، وهي مفهومها، وتدويلها، والتدخل لأجلها.

المطلب الثاني
علاقة مصطلح الديمقراطية بالمصطلحات المثيلة


أولاً: علاقة الديمقراطية بحقوق الإنسان :-
الديمقراطية بمفهومها العام تعني ضرورة كفالة حقوق الإنسان (السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية) وحقوق الإنسان هي الركن الثاني للديمقراطية(13). ولكن الديمقراطية بمفهومها الخاص تعني ضمان الحقوق السياسية.
ونرى بأن الشرعية الدولية لحقوق الإنسان التي تعد الديمقراطية جزءاً منها قد طغت على الشرعية الدستورية لحقوق الأفراد، وبالتالي لا أثر في نظرنا لما يردده بعض علماء الفقه الدستوري من أن الحقوق الاجتماعية هي وعود من الدولة، ولا تمثل حقوقاً بالمعنى القانوني للحق(14).
ويرى البعض أن الديمقراطية تتعلق بمن يحكم، أما حقوق الأفراد فتتعلق بكيف يحكم، وهذا القول غير مقبول في نظرنا لأن الديمقراطية هي وسيلة لممارسة الحقوق السياسية التي تختص فقط بالمواطنين وهي ذاتها الحقوق السياسية الواردة في قانون حقوق الإنسان.
ثانياً: علاقة الديمقراطية بالحقوق السياسية :-
يرى بعض الفقهاء الدستوريين(15) أن مفهوم الحقوق السياسية مفهوم واسع، بحيث يشمل مفهوم الديمقراطية ، ويرى الباحث أن الحقوق السياسية هي جزء من مفهوم الديمقراطية، والحقوق السياسية الواردة في حقوق الإنسان لا يتمتع بها إلا من يحمل جنسية الدولة.
ثالثاً: الديمقراطية وحق تقرير المصير:
حيث يقيم الفقه المعارض للتدخل العسكري من أجل الديمقراطية فاصلاً بين حق تقرير المصير، ومفهوم الديمقراطية(16)، ونرى بأن الإطار الداخلي لحق تقرير المصير والذي أكدته الجمعية العامة عندما عرفت حق تقرير المصير، عام 1954م(17)، بأنه يعني حق الشعوب في اختيار النظام السياسي واستغلال ثرواته الطبيعية، وهو ما يعني أن حق تقرير المصير في إطاره الداخلي يعد جزءاً من الديمقراطية باعتباره دليلاً لمنظومة الحقوق المتكاملة التي تندرج ضمن مبادئ الحرية والعدل والمساواة.
رابعاً: الديمقراطية والانتخابات:
تعد الانتخابات وسيلة لممارسة الديمقراطية، وقد نشأت علاقة بين الانتخابات وحقوق الإنسان، أجملها بعض الفقه (18)، في أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قراراتها م رقم (46 ، 137) 1991م أكدت أن حق كل شخص في المشاركة في تسيير الشئون العامة لبلده، يعد عاملاً جوهرياً لتمتع الجميع فعلياً بعدد من الحريات الأساسية وحقوق الإنسان الأخرى بما في ذلك الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- معيار الحكومة المنتخبة :-
هناك دول تأخذ بالديمقراطية شكلاً وشعارات، وهناك أنماط متعددة لهذه الأنظمة, فهناك النظام العسكري، ونظام الحزب الواحد اللذان يرفضان الاعتراف بالحقوق السياسية والمدنية، وكذلك بعض الأنظمة الاشتراكية(19).
ويعتمد البعض الديمقراطية الهشة التي تقوم بانتخابات شكلية، حيث تشرف السلطة التنفيذية على الانتخابات وتضيق من الرقابة الدولية وتحاصر الأحزاب من المشاركة في عملية القيد والاقتراع.
ونرى بأن معيار وجود ((الانتخابات الحقيقية )) يتمثل في مراعاة ضوابط الانتخابات وتقبل الرأي العام لها، وتقارير المنظمات الدولية، وأهم تلك الضوابط(20):-
1- أن تكون الانتخابات دورية وسرية وحرة.
2-مبدأ الحياد في تمويل الدعاية الانتخابية، ودعم الأحزاب(21).
3- إتاحة الفرص للأحزاب في المشاركة في عمليات القيد والاقتراع وتسهيل الرقابة الدولية على الانتخابات.
وقد أصدرت الجمعية العامة قراراً حول تفعيل مبدأ الانتخابات الحرة والنزيهة عام 1991م.
خامساً: الديمقراطية والتمييز العنصري:
إن انتهاك الحق في الديمقراطية يعد تمييزاً عنصرياً سياسياً، وفقاً لتعريف التمييز العنصري، بل ويعد (فصلاً عنصرياً) وفقاً لتعريف الفصل العنصري الوارد في الاتفاقية الدولية، على نحو ما سنعرف لاحقاً.
وبالتالي فإن الآثار المترتبة على ذلك، تؤكد وتبرر مشروعية التدخل العسكري من جانب الأمم المتحدة، عملاً بالمادة(8) من الاتفاقية الدولية لإزالة أشكال التمييز العنصري، كما أن مجلس الأمن يؤكد مراراً أن التمييز العنصري يهدد السلم الدولي، وهذا التخريج ليس عبثاً أو إفراطا فقهياً، ولكنه تخريج يتفق مع الاتفاقيات الخاصة بالتمييز العنصري، ويفسر تدخل مجلس الأمن للإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية، على نحو يفضح الفقه الدولي الذي يفصل بين انتهاك الحقوق الديمقراطية والتمييز العنصري. وهذا ما سنتناوله في ثنايا البحث تفصيلاً.

المطلب الثالث
المرتكزات الأساسية للنظام الديمقراطي


إن الديمقراطية ليست نصوصاً دستورية شكلية، أو شعاراً سياسياً يزايد به الحكام في الداخل والخارج، وإنما هي مجموعة من العناصر والمقتضيات الشكلية والموضوعية، التي تشكل منظومة سياسية واجتماعية واقتصادية، ودولية، وهو ما أكده مشروع الإعلان العالمي للديمقراطية(22).
وبالتالي فإننا نرى بأن عناصر العملية الديمقراطية هي:
1- المبادئ العامة أو أركان النظام الديمقراطي وهو مبدأ سيادة الشعب الذي هو أساس السلطة ومبدأ ضرورة ضمان الحقوق والحريات العامة لكافة أفراد الشعب وسيادة القانون، ومبدأ المساواة الذي يعتبره الفقه الديمقراطي التقليدي بمثابة الروح من الجسد(23).
2- من الحقوق الأساسية في العملية الديمقراطية الحقوق السياسية(24) وهي:
- حق المشاركة في تسيير الشئون العامة في الدولة وحماية الحرية السياسية.
- حق الانتخابات والترشيح.
- حق تولي الوظائف العامة.
- حق تكوين الأحزاب.
- ضمان حقوق الأقلية وعدم التمييز.
3- ضمان وجود انتخابات دورية وحرة ونزيهة وسرية.
4- كما توجد حقوق مرتبطة بالعملية الديمقراطية(25)، وهي : حرية الرأي والتعبير، والتجمع وعدم الخضوع للتهديد.
وتوجد مقتضيات شكلية وموضوعية للنظام الديمقراطي فالمقتضيات الشكلية تتمثل في وجود دستور للدولة، ومؤسسات دستورية، ووجود الأحزاب السياسية التي تمارس الديمقراطية داخل الحزب نفسه، والمقتضيات الموضوعية تتمثل في وجود "الحرية" بشكل عام بما فيها الحرية السياسية(26).
وقد نص مشروع الإعلان العالمي للديمقراطية على مقومات الحكم الديمقراطي ووسائل ممارسته، في الجزء الثاني منه(27) وأهمها :-
- وجود مؤسسات فاعلة، وتوافر القواعد والمعايير الموضوعية، بما فيها المؤسسات النيابية.
- وجود انتخابات حرة ودورية وسرية.
- مبدأ المسئولية العامة في أجهزة الدولة، ومبدأ الشفافية في أجهزة الدولة، وحقوق الشعب في الحصول على المعلومات وتقديم الشكاوي :-
- تنمية "المجتمع المدني" وتفعيل آليات الرقابة، والمؤسسات الوقائية وضمان حرية الرأي والتعبير.
- ضرورة العمل على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- ضمان العمل على احترام قواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

المبحث الثاني
موقف المواثيق الدولية من الديمقراطية


تبدو من الأهمية بمكان معرفة موقف مواثيق حقوق الإنسان من الديمقراطية وهل ذكرتها كحق دولي سياسي؟ وما طبيعة ذلك الحق؟ ولذا سوف نتناول ذلك في الميثاق والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ،والعهدين الدوليين ومعاهدات حقوق الإنسان الإقليمية، ومشروع الإعلان العالمي للديمقراطية.

المطلب الأول
تضمين ميثاق الأمم المتحدة لمسألة قيام نظام ديمقراطي
يعد الميثاق الوثيقة الأساسية في القانون الدولي المعاصر، وقد أشار إلى حقوق الإنسان في سبعة مواضع إجمالا ولم ينص على حق محدد بذاته سوى حق المساواة بين الشعوب وبين الرجال والنساء وحق تقرير المصير.
وتجدر الإشارة إلى أن الميثاق من صنع الدول المنتصرة في مجمله, وقد أقر مبادئ عديدة منها مبدأ عدم التدخل ومبدأ حظر استخدام القوة(28)، ومن الأهمية معرفة ثلاث مسائل: الأولى هل ذكر الميثاق مفهوم الديمقراطية أو عناصرها؟ والثانية قيمة الحقوق الديمقراطية، والثالثة ماهية الآليات الدولية التي يجيزها الميثاق لفرض أو حماية الديمقراطية, ومدى إمكانية استخدام القوة لحماية الديمقراطية وهو ما سنوضحه هنا بإذن الله ونوضح موقف الدول الكبرى خاصة من تفسير الميثاق فيما يتعلق بالديمقراطية. أما المشروعية سنتناولها بإذن الله تفصيلاً في بحث منفرد.
موقف الفقه ورأينا الخاص:
بالرغم من أن مصطلح ((الديمقراطية)) لم يرد ذكره في الميثاق كما يقرر بعض الفقه(29)، إلا أن هناك شبه إجماع على أن الميثاق قد أشار إلى الديمقراطية إجمالاً, وأن الدول التي أنشأت هيئة الأمم المتحدة ادعت إيمانها بالديمقراطية,بالرغم من اختلافها الواضح حول مفهوم الديمقراطية وآليات ممارستها. ولكن الدول الأعضاء في المجتمع الدولي اعترفت بأنها مطالبة بموجب الميثاق بتعزيز وتشجيع النظام الديمقراطي والممارسة الديمقراطية مع رعاياها وفي مؤسساتها ودوائرها, وبرلماناتها وكذلك في علاقتها مع الدول الأخرى(30).
كما أن الدول قد اتفقت في الميثاق على المبادئ الأساسية للديمقراطية وهي (مبادئ إرادة الشعب مصدر السلطة ومبدأ احترام حقوق الإنسان – (أركان الديمقراطية) ولكن ذلك تم بصيغة عامة, وحجبت الرؤية عن الاختلافات الجوهرية بين الدول حول مضمون الديمقراطية وهذه الاختلافات تطفو على السطح كلما عقد المجتمع الدولي العزم على اتخاذ تدابير ملموسة في حالات معينة(31).
وحتى الفقه المعارض للتدخل العسكري لأجل الديمقراطية يعترف بأن الديمقراطية أصبحت مصدر شرعية أي نظام حاكم، مما يعد مؤشراً على قيام حق قانوني جديد، هو الحق في إقامة نظام حكم ديمقراطي وأن هذا الحق لا يقتصر على الدول التي نص دستورها على ذلك بل إنه أضحى حقاً دولياً قابلاً للتطبيق على كل أعضاء الجماعة الدولية، وينفذ استناداً إلى معايير دولية وبمساعدة المنظمات العالمية والإقليمية(32).
ونحن نرى بأن الميثاق أشار إلى الديمقراطية في ثلاثة مواضع :
1- الموضع الأول: إشارة الميثاق إلى ضرورة احترام حقوق الإنسان، في سبعة مواضع، وهذا هو الركن الثاني للديمقراطية ، وأما الركن الأول للديمقراطية وهو اعتبار إرادة الشعب مصدر السلطة فلم يرد صراحة لكنه يفهم ضمناً، خاصة من أول عبارة في الميثاق "نحن شعوب الأمم المتحدة"، تؤكد أن الأساس هو الشعب.
2- الموضع الثاني "مبدأ المساواة" إذ نص الميثاق على مبدأ المساواة بين جميع الشعوب وبين الرجل والمرأة، وهو ما يتضمن ولو ضمناً أو استنتاجاً، النص على الديمقراطية لأنها مساواة الحاكم بالمحكوم ومساواة كافة أفراد الشعب في الحقوق والسلطات وتكافؤ الفرص، أما الأنظمة غير الديمقراطية فتنعدم أو تضعف فيها المساواة في أهم الحقوق وهي حق الاشتراك في الحكم وتسيير الشئون العامة.
3- ويمكن اعتبار نص الميثاق في الديباجة على مبدأ "الحرية" والعدالة إشارة إلى الديمقراطية وخاصة في جوانبها السياسية المتعلقة بالحرية السياسية والعدالة السياسية ومن المفارقات اللافتة في الميثاق من وجهة نظرنا أن الميثاق ألزم الدول الاستعمارية في المادة (73/أ/ب) بكفالة تقدم هذه الشعوب وتقدير "الأماني السياسية لهذه الشعوب ، ومساعدتها على إنماء نظمها السياسية الحرة نمواً مضطرداً. كما أن ديباجة الميثاق أشارت صراحة إلى التزام الدول والمجتمع الدولي بترقية الشئون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب واستخدام الإدارة الدولية لتحقيق ذلك في حين لم تذكر ديباجة الميثاق الحقوق السياسية صراحة.
4- الموضع الثالث "حق تقرير المصير" الذي يرى بعض الفقه أنه لا علاقة له بالديمقراطية (33).
ولكننا نرى ونؤكد أن الإطار الداخلي لحق تقرير المصير، والذي يعني حق كافة الشعوب في اختيار أنظمتها السياسية والإدارية التي تراها مناسبة، وهذا يفترض مشاركة كافة أفراد الشعب في هذا الاختيار وهو ما يعد جزءاً من الديمقراطية.
والإطار الداخلي لحق تقرير المصير تأكد في تعريف الجمعية العامة لحق تقرير المصير في عام 1955م بواسطة اللجنة الثالثة المتفرعة من الجمعية العامة بأنه "حق كل الشعوب، في أن تقرر بحريتها، أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما في ذلك حق الشعوب في التصرف بحرية في مواردها وثرواتها الطبيعية"(34).
الآليات في الميثاق :-
نشير هنا بإيجاز إلى أن الميثاق يحتوي على آليات لضمان ممارسة الديمقراطية بالإضافة إلى آليات حقوق الإنسان التي سنذكرها لاحقاً – وهي كالآتي:-
1- بموجب المادة (56) من الميثاق، تعهدت الدول على أن تعمل منفردة أو مجتمعة بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة، لتشجيع حقوق الإنسان، وهو ما يعني الحق في إقامة نظام ديمقراطي.
2- ويذهب بعض الفقه إلى منحى بعيد، وهو جواز التدخل العسكري الانفرادي، من قبل دولة ما لفرض الديمقراطية، أو حمايتها، وإعادة تنصيب الحكومة الشرعية ولا يتعارض ذلك مع الميثاق أو مبادئ الأمم المتحدة(35).
بمعنى أن هذا الفقه يستند إلى التفسير الضيق لقاعدة حظر استخدام القوة م (2/4) والذي يقضي بجواز استخدام القوة طالما لم تؤد إلى النيل من السلامة الإقليمية للدولة أو على وجه يتفق مع مبادئ الأمم المتحدة.
وقد أيد بعض الفقه الغزو الأمريكي لبنما، وأنه لا يتعارض مع المادة (2/4) على اعتبار أن الولايات المتحدة لم تعتد على السلامة الإقليمية لبنما، ولم تضمها إليها(36).
ويذهب بعض الفقه إلى أن ميثاق الأمم المتحدة يجيز التدخل من أجل الديمقراطية استناداً إلى المادة (4/2) التي تجيز التدخل لأي دولة ما، لمساعدة أي طرف ذي توجه ديمقراطي في دولة ما، وذلك في حالتين.
1- عندما توجد حركة تمرد ذات توجه ديمقراطي، تحارب نظاماً استبدادياً.
2- "في التدخل المضاد" أي عندما تقوم دولة بتقديم مساعدات عسكرية للنظام الدكتاتوري الحاكم، فيجوز لدولة ثالثة التدخل العسكري ضد التدخل الأول(37).
التفسير الأمريكي والدول الكبرى الأخرى للميثاق (كنموذج):
لقد استطاعت أمريكا والدول الكبرى فرض اتجاه عام نحو الديمقراطية و تؤكد أمريكا بأن تعميم الديمقراطية وحقوق الإنسان، كقيم عالمية وفقاً للنموذج الغربي، سيؤدي إلى حفظ السلم والأمن الدوليين ، فالانتخابات تؤدي إلى إنهاء الحروب الأهلية وحماية الأقليات، وهو ما يؤدي إلى تحسن الوضع الاقتصادي وكفالة الحرية السياسية والقضاء على التطرف والإرهاب(38).
وبالتالي فإن أمريكا وحلفاءها يرون بأن الحق في إقامة نظام ديمقراطي، من الحقوق الأساسية للإنسان التي تستند إلى الميثاق والشرعية الدولية لحقوق الإنسان.
وتدعو أمريكا إلى جواز التدخل العسكري الانفرادي لحماية وفرض الديمقراطية وتدعو الأمم المتحدة إلى التدخل العسكري لوقف انتهاكات حقوق الإنسان، وفرض الديمقراطية، لا سيما أن مجلس الأمن أنشأ قوات حفظ السلام للإشراف على الانتخابات في نامبيا وهايتي وجنوب أفريقيا، وكانت هذه التدخلات تستند إلى ربط الميثاق بين السلام العالمي وحقوق الإنسان، وإلى قرار الجمعية العامة رقم (40/147) عام 1990م الذي أكد التزام الدول بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وإنشاء مكتب للمساعدة في إجراء الانتخابات(39).
ولكن التدخلات الأمريكية المشبوهة لدعم الديمقراطية في العراق، وغرينادا، وغيرها ذات مبررات زائفة تثير المخاوف في الأوساط السياسية والقانونية.
وهكذا تتضح جدلية حقوق الإنسان والديمقراطية، فالميثاق كوثيقة دولية قانونية تتصارع في تفسيره، وصياغته سابقاً – إلايدلوجيات الثقافية والسياسية للدول، كما أن الدول وإن أجمعت على دعم الديمقراطية إلا أنها تختلف في مفهومها ووسائل الرقابة عليها.
المطلب الثاني
تأكيد الإعلان العالمي والعهدين الدوليين على أهمية الديمقراطية
جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان استناداً إلى نصوص الميثاق، وخاصة المادتين (55 ، 56) ووضع قائمة بأهم الحقوق الأساسية للإنسان، ومهد الطريق للعديد من الوثائق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان(40).
ويتفق الفقه على أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادر عام 1948م قد أشار إلى الديمقراطية باعتبارها من حقوق الإنسان.
إذ نصت المادة (3/2) من الإعلان على الركن الأساسي للديمقراطية ، ووسيلة ممارستها، فورد فيها أن "إرادة الشعب هي أساس سلطة أية حكومة ، وأن هذه الإرادة الشعبية يتم التعبير عنها من خلال انتخابات دورية، وحقيقية استناداً إلى حق الاقتراع العام والمتساوي، والتي تجري عن طريق الاقتراع السري، أو من خلال إجراءات التصويت الحر المتساوي" .
وأكدت الفقرة الأولى من المادة (3) على أن لكل فرد حق المشاركة في حكم بلاده مباشرة، أو من خلال ممثلين نيابيين يتم اختيارهم بطريقة حرة، وتضيف الفقرة الثانية بأن لكل فرد حق التقدم على قدم المساواة مع الآخرين للوظائف العامة في بلاده.
وهكذا نجد أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أكد على معظم عناصر العملية الديمقراطية، باعتبارها حقوقاً دولية مشتركة لكافة الشعوب، وهو ما يؤكد تدويل الحقوق الديمقراطية والتزام الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي بضمان ممارسة الديمقراطية لكافة الشعوب.
ونرى بأن طرح بعض الفقه بأن مفهوم الديمقراطية مختلف فيه في الأنظمة السياسية غير مقبول، فالإعلان العالمي في المواد السابقة حدد أن إرادة الشعب هي المصدر الوحيد للسلطة، وبالتالي فإن الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية والملكية المطلقة، التي تستند إلى الحق الإلهي للملك، أو إلى "منحة الملك" فهذه الأنظمة أصبحت غير شرعية، ولا يعني ذلك أن تلك الدول ناقصة السيادة، فهي دول كاملة السيادة ولكن حكوماتها غير شرعية.
وحدد الإعلان العالمي "ضرورة وجود الانتخابات الدورية والسرية، باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي تبين وتظهر إرادة الشعب وحدد الإعلان الحقوق السياسية بوضوح".
وتأكد ذلك بصدور العهدين الدوليين واللذين تم فيهما تقسيم الحقوق وفق الأهمية الايدولوجية للدول.
وبسبب تنامي التوجه الديمقراطي في العالم، خاصة بعد أن ثبت فشل النظام السياسي الاشتراكي، تطلع الفقه الديمقراطي إلى إصدار الإعلان العالمي للديمقراطية ليكون نظيراً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإعلان منح الاستقلال للشعوب المستعمرة ، ولكي يكون بمثابة إنذار للأنظمة غير الديمقراطية، بضرورة أن ترفع أياديها الجاثمة على الشعوب ، ولذلك قام المؤتمر الدولي المنعقد في مصر عام 1997م برئاسة الدكتور / أحمد فتحي سرور بإصدار مشروع الإعلان العالمي للديمقراطية الذي نشير إليه في ثنايا البحث.
لقد تأكدت الطبيعة الدولية الآمرة لحقوق الإنسان من خلال إصدار العهدين الدوليين عام 1966م، والعديد من المواثيق الإقليمية، وهو ما أدى إلى تضييق نطاق الاختصاص الداخلي للدول، وتغيير النظرة لمركز الفرد في القانون الدولي المعاصر(41).
لذلك صدر العهدان الدوليان عام 1966م الأول خاص بالحقوق المدنية والسياسية والثاني خاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية.
وأشار العهد الأول إلى الديمقراطية، كحق دولي ملزم تلزم الدول بكفالته وفقاً لرقابة المنظمات الدولية، في المواضع الآتية:
1- نصت المادة (25) منه على أنه "لكل مواطن وبدون تمييز من أي نوع كان كالعرق واللون والجنس واللغة والدين والآراء السياسية، الحق في إتاحة الفرصة له في:
- المشاركة في إدارة الشئون العامة في بلده ، مباشرة أو من خلال ممثلين نيابيين مختارين بحرية.
- حق الترشيح والانتخابات في انتخابات دورية حقيقة تجري على أساس حق الاقتراع العام والمتساوي تعقد بطريقة الاقتراع السري الذي يضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين.
- حق التقدم على قدم المساواة مع الآخرين للوظائف العامة في بلاده.
2- ونص العهد الأول أيضاً على مبدأ الحرية السياسية في الديباجة وحق تقرير المصير في المادة(1) ومبدأ المساواة.
ونص أيضاً على حق التجمع السلمي وتكوين الجمعيات وحرية الرأي والتعبير(42).
المطلب الثالث
الديمقراطية في المعاهدات والوثائق الدولية والإقليمية الأخرى


سوف نتناول في هذا المطلب مفهوم الحق في إقامة نظام ديمقراطي وآليات تطبيقه في المعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان، والوثائق الإقليمية والإعلانات الدولية الأخرى:-
أ- مفهوم الديمقراطية في المعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان.
1) الاتفاقية الدولية لإزالة كافة أشكال التمييز العنصري، والمعاقبة على جريمة الفصل العنصري:
تساءلنا سابقاً عند الحديث حول علاقة مصطلح الديمقراطية بالمصطلحات المثيلة، هل يشكل انتهاك الديمقراطية تمييزاً عنصرياً أم لا؟ وسنبين ذلك الآن تفصيلاً.
يأتي إبرام هذه الاتفاقية إثر قرار الجمعية العامة في 21 ديسمبر 1965م، الخاص بإعلان إزالة أشكال التمييز العنصري، والذي تلته اتفاقيتان دوليتان: الأولى الاتفاقية الدولية لإزالة كافة أشكال التمييز العنصري عام 1965م، والثانية هي الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها عام 1973م ودخلت حيز النفاذ في 18 يوليو 1976م(43).
وسنذكر هنا النصوص الواردة في الاتفاقيتين والخاصة بحظر التمييز العنصري السياسي، لكي يتسنى لنا توضيح العلاقة بين الحقوق الديمقراطية والتمييز العنصري.
1- فالاتفاقية الأولى، عرفت في المادة الأولى التفرقة العنصرية بأنها "أي تمييز" استبعاد أو تفضيل مؤسس على العنصر، اللون، الأصل، العرق، والذي يهدف أو يؤدي إلى إلغاء أو إعاقة الاعتراف، بحق التمتع أو الممارسة، في حالات المساواة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو في غيرها من مجالات الحياة العامة، ويتضح من النص السابق أن التميز العنصري ذو مفهوم واسع كونه انتهاكاً لمبدأ المساواة – أمام القانون وفي التمتع بكافة الحقوق – وبالتالي فإن انتهاك الحق في الديمقراطية أو إعاقة ممارستها، يشكل تمييزاً عنصرياً.
والتزمت الدول في المادة الثانية من الاتفاقية الأولى، بإزالة كافة أشكال التمييز العنصري عن طريق عدم السماح بأي تمييز وعدم رعاية أي شخص يدعو إليه، واتخاذ الإجراءات الفعالة لمراجعة السياسات الحكومية الوطنية والمحلية، وتعديل أو إلغاء أو إبطال أي قوانين أو لوائح، يكون من نتائجها خلق أو إبقاء التمييز العنصري، وتحريمه في التشريعات الداخلية، وتضمنت الاتفاقية من المواد (8 ــ 25) طرق الرقابة على الدول لضمان التزاماتها بموجب الاتفاقية(44).
2- وأما الاتفاقية الثانية الخاصة بقمع جريمة الفصل العنصري، والفصل العنصري هو أحد أشكال التمييز العنصري الأكثر تطرفاً، فقد أكدت في الديباجة التزام الدول بموجب الميثاق بالتعاون مع المنظمة لاحترام حقوق الإنسان وبدون تمييز، وتأكد مبدأ المساواة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ويعد الفصل العنصري أخطر أنواع التمييز العنصري الذي مارسته جنوب أفريقيا، ولكن الاتفاقية عرفته في المادة الثانية بتعريف واسع بعد أن اعتبرت في المادة الأولى الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية وتهديداً للسلم الدولي – بحيث يمكن القول إن لائحة الفصل العنصري التي أعدتها بعض الدول قبل 1945م أصبحت أوسع بموجب المادة الثانية من هذه الاتفاقية التي تعرف الفصل العنصري بأنه :-
أ) حرمان عضو أو أعضاء أو فئة أو فئات عنصرية من الحق في الحياة أو الحرية الشخصية بالقتل أو الاضطهاد أو التعذيب أو السجن بدون مبرر.
ب) اتخاذ أية تدابير تشريعية أو غير تشريعية يقصد بها منع فئة أو فئات عنصرية من المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في البلد وتعمد خلق ظروف تحول دون النماء التام لهذه الفئة أو الفئات وخاصة بحرمان أعضاء فئة أو فئات عنصرية من حريات الإنسان وحقوقه الأساسية بما في ذلك حق العمل وتكوين النقابات والتعليم ومغادرة البلد ، والجنسية ، والحق في حرية الرأي والتعبير والحق في حرية الاجتماع وتشكيل الجمعيات سلمياً(45).
وتضمنت هذه الاتفاقية الآليات الآتية:
1- تقرير المسئولية الجنائية الدولية ، لكل من يرتكب أحد أفعال الفصل العنصري، م3.
2- أجازت في المادة الثامنة لأي دولة طرف في الاتفاقية أن تطلب من أي هيئة مختصة من هيئات الأمم المتحدة، أن تتدخل بموجب أحكام الميثاق، لمنع ارتكاب جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، وبذلك أرست المادة (8) نظرية التدخل الإنساني ولو بالقوة العسكرية من جانب الأمم المتحدة(46).
ومما سبق نستخلص بشان العلاقة بين انتهاك مبادئ الديمقراطية والتمييز العنصري والفصل العنصري ما يلي:
1- انتهاك مبادئ الديمقراطية يعد في نظرنا "تمييزاً وفصلاً عنصرياً " استناداً للمواد المذكورة سابقاً، فالمادة (25/جـ) من اتفاقية قمع الفصل العنصري تكتفي باتخاذ أية تدابير لإعاقة التمتع بهذه الحقوق.
وبالتالي فانتهاك الركن الأول للديمقراطية بإنكار إرادة الشعب في أساس الحكم، والاستناد لنظريات أخرى يعد تمييزاً عنصرياً ضد "كافة الشعب".
كما أن قصر الاشتراك في الحكم على فئة معينة يعني بالضرورة ويتضمن فصلاً لباقي الشعب عن ممارسة الحق السياسي وكذلك إلغاء نتائج الانتخابات.
وبالتالي فإن أثر هذه الاتفاقية على الحقوق السياسية، يتمثل في نظرنا في الآتي:-
- اعتبار انتهاك الحقوق السياسية ومبادئ الديمقراطية تهديداً للسلم الدولي.
- كما أن الاتفاقيتين السابقتين كستا الحقوق السياسية ثوباً إلزاميا، حيث يعد انتهاكها فضلاً عن أنه "انتهاك سافر لحقوق الإنسان الأساسية" تمييزاً عنصرياً، وقد يرقى إلى اعتباره "فصلاً عنصرياً" وهو ما يبرر المسئولية الجنائية الدولية والتدخل الإنساني للأمم المتحدة.
2- اتفاقية ضمان الحقوق السياسية للمرأة:
هذه الاتفاقية أصدرتها الجمعية العامة عام 1952م، وبدأ تنفيذها في 7 يوليو 1954م وأكدت مساواة النساء بالرجال في الحقوق السياسية، وهو ما ينطوي على حق المرأة في الانتخابات والترشيح للوصول إلى جميع الوظائف العامة، وحقها في تولي الوظائف العامة(47).
وتأكيداً لذلك صدرت الاتفاقية الدولية لإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة عام 1979م وعرفت التمييز في المادة الأولى بأنه " كل تفريق أو منع أو تقييد مؤسس على الجنس يهدف إلى تقويض الاعتراف، أو التمتع أو الممارسة للنساء ـ مهما تكن حالتهن الزوجية ـ لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في المجالات السياسية والاقتصادية، كما أن اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة 1996م، قد تضمنت إلزام الدول بإشراك المرأة في كافة ميادين الدولة والمجتمع، مساواة بالرجل، وحماية ذلك عبر القضاء م(2)، وحقها في العمل والالتحاق بالمؤسسات الأكاديمية والتعليمية م(10)، ومساواة المرأة الريفية بالحضرية م(10)، ونصت المادة (8) على إلزام الدول بكفالة حق المرأة في فرص التمثيل الحكومي لدولتها على المستوى الدولي، والمنظمات الدولية، واعتبرت المادة حرمان المرأة من ممارسة الحقوق السياسية تمييزاً عنصرياً، ونصت المادة (7) على حقها في المشاركة بالانتخابات، والمشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفي تنفيذ هذه السياسة، وفي شغل الوظائف العامة.
كما صدرت العديد من الإعلانات الدولية التي تؤكد الطبيعة القانونية الدولية للحقوق الديمقراطية وأهمها:
1- إعلان الجمعية العامة بِشأن الألفية لعام 2000م، حيث أعلنت في الجزء الخامس عن احترام حقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الرشيد، والسعي إلى تطبيق الحقوق المدنية والسياسة في كافة البلدان، وتعزيز قدرات الدول على تطبيق المبادئ والممارسات الديمقراطية بما في ذلك حقوق الأقليات، وكفالة حرية الإعلام وضمان حق الجمهور في الحصول على المعلومات(48).
2- كما أصدرت الجمعية العامة العديد من القرارات المتعلقة بضمان تطبيق المبادئ الديمقراطية كالقرار رقم (46 / 137) لعام 1991م الذي أكد أن "حق كل شخص في المشاركة في تسيير الشئون العامة لبلاده يعد عاملاً جوهرياً للتمتع بحقوق الإنسان"(49)
-نصت المادة الثالثة من البروتوكول الأول للاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان عام 1950م على أن تتعهد الأطراف المتعاقدة بإجراء انتخابات حرة ، في فترات زمنية معقولة ، بالاقتراع السري وكفالة التعبير الحر عن آراء المواطنين في اختيار أعضاء الهيئة التشريعية(50) وأكدت ديباجة الاتفاقية الأوربية على أن ضمان حقوق الإنسان يتطلب وجود ديمقراطية سياسية فعالة ، كما أجازت في المادة (11) وضع قيود قانونية على ممارسة رجال القوات المسلحة والشرطة أو الإدارة لهذه الحقوق ، وأنشأت آليات قوية أهمها اللجنة المحكمة الأوربية (51).
-وأما الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان عام 1969م فقد أكدت في الديباجة عزم الدول الأمريكية على أن تكفل نظاماً للحرية الشخصية عبر المؤسسات الديمقراطية وأن الحقوق الأساسية لا تستمد للفرد من كونه مواطناً في الدولة، وإنما من الصفات المميزة للإنسانية وهو ما يبرر الحماية الدولية لها.
ونصت أيضاً في المادة (23) على أن "لكل مواطن الحق في المشاركة في إدارة الشئون العامة لبلاده، وحق الانتخاب والترشيح لانتخابات دورية حقيقة على أساس الاقتراع العام السري وحق التقدم للوظائف العامة".
3- وتنص المادة (13) من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان الصادر عام 1981م على أن "لكل مواطن الحق في المشاركة بحرية في حكم وإدارة شئون بلاده مباشرة أو من خلال ممثلين، كذلك ضرورة تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص للجميع في التقدم للوظائف العامة، وأن يكون لكل مواطن حق استخدام المرافق والممتلكات العامة".
ويرى بعض الفقه بأن هذه المادة قد خلت من الإشارة إلى أية آليات لتنفيذها مما يجعلها ذات فائدة محدودة، كما أن الميثاق الأفريقي لم يشترط في الانتخابات أن تعكس التعبير الحر لإرادة الناخبين، وهو ما يشير إلى أن هذا الميثاق يسمح بإجراء انتخابات على أساس نظام الحزب الواحد، وخلت المادة (13) من الإشارة إلى عدم التمييز وإضافة المادة (13) لعبارة "وفقاً لأحكام القوانين" يفيد بان الميثاق لا يطالب الدول بأكثر مما هو موجود في دساتيرها الوطنية(52).
ونعتقد بأن الميثاق الأفريقي يعتريه العيب الأول فقط، لأن ديباجة الميثاق أكدت بأن حقوق الإنسان الأساسية ترتكز على خصائص من بني البشر، مما يبرر حمايتها الوطنية والدولية .. وأكدت الدول عزمها على النهوض بحقوق الإنسان وفقاً للأهمية السياسية الأفريقية في نظرها في ترتيب الحقوق، وأن الحقوق السياسية والمدنية التي تأتي في الدرجة الثانية – لا تنفصل عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي توليها الدول النامية الأهمية الأولى سواءً في مفهومها أو في عالميتها.
4- وتجدر الإشارة إلى أن الميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام 2004م خلا من الإشارة إلى أن إرادة الشعب هي أساس السلطة، ولم يشر أيضاً إلى ضرورة أن تتم الانتخابات بصفة دورية حقيقية وأن تتم بالاقتراع السري العام، واكتفى بإشارة خجولة إلى حق كل مواطن في تولي الوظائف العامة، وحرية الممارسة السياسية ولم يشرح مفرداتها ، والأخطر من ذلك أن الميثاق فضلاً عن مخالفته للمواثيق الدولية ، أجاز تقييد هذه الحقوق لاعتبارات عديدة(53).
5- وثيقة كوبنهاجنCopenhagen Document وهذه الوثيقة إحدى الوثائق الصادرة عن منظمة الأمن والتعاون في أورباCSCE وصدرت في عام 1990م(54)، وتضمنت الوثيقة مبادئ الديمقراطية التي تلزم بها الدول عبر انتخابات عادلة ، وأهم ما جاء فيها اعتراف الدول الموقعة بمسئولياتها عن الدفاع وحماية أي نظام ديمقراطي معلن بطريقة حرة (الفقرة السادسة منها)(55) وقد اعتبر البعض بأن هذه الفقرة تجيز لدولة ما التدخل العسكري الانفرادي لحماية الحكومة الديمقراطية إذا منعت من ممارسة عملها أو تمت الإطاحة بها ، وأن ذلك يتفق مع مبادئ الأمم المتحدة (56).
ويعترض البعض على الطرح السابق بأنه مغالطة لغوية حيث تم إهمال آخر الفقرة السادسة التي ورد فيها أن "يتم ذلك على نحو يتفق مع الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان" والأخيرة أي الميثاق يحظر استخدام القوة م (2/4) وله السمو على كل الاتفاقيات بموجب المادة (103) منه(57).
كما أن الدول الإفريقية قد اعترفت بأن سبب النزاعات الداخلية فيها، وتفشي الفقر والبطالة، هو عدم التحول الديمقراطي، أو التحول الخاطئ حيث يستحوذ الحزب الفائز بكل السلطة ووظائفها وأموالها، وبالتالي يتم تقسيم المجتمع سياسياً، فتندلع الحروب الداخلية، وتم في القمة الإفريقية السادسة والعشرين عام 1990م، استعراض الرؤساء لتقرير منظمة الدول الأفريقية، وأقروا إعلاناً هاماً تعهدوا فيه بالاتجاه نحو الديمقراطية ودعم المؤسسات الديمقراطية، مع الأخذ في الاعتبار الظروف الاجتماعية والثقافية في القارة، وجاء هذا الإعلان مكملاً للميثاق الإفريقي للمشاركة الشعبية في التنمية والتحول عام 1990م، وإعلان القاهرة عام 1993م(58).
وبذلك يتضح مفهوم الديمقراطية كحق دولي أساسي، ودور المواثيق الدولية والإعلانات المشار إليها في تنمية الديمقراطية والدفع بقضاياها نحو آفاق أوسع مدى وأكثر تطوراً خدمةً للبشرية ورقياً بالحياة الإنسانية وفق مبادئ أجود مادةً وأعمق نفعاً.

الخاتمة:
من خلال هذه الدراسة التي تناولت البعد الدولي للديمقراطية، في ضوء أحكام القانون الدولي والمواثيق الإقليمية، وفي ظل تنامي القناعات السياسية والثقافية لشعوب وحكام دول العالم بالديمقراطية كمبدأ دولي، يرتبط بمبادئ القانون الدولي وغايته، وقد توصلنا من خلال بحثنا إلى النتائج التالية:
ـ تعتبر الديمقراطية جزء من حقوق الإنسان وآلية لممارستها، بل يعد انتهاكها تمييزاً عنصرياً.
ـ ويؤمن المجتمع الدولي بأن الديمقراطية هي حجر الزاوية في حفظ السلم والأمن الدوليين، ومنع الحروب، واستقرار الشعوب وأمانها (وهو غاية القانون الدولي)، مما يعني أنها الوسيلة الآمنة لتطبيق كافة نظريات القانون الدولي المعاصر.
1) أن ميثاق الأمم المتحدة لم يذكر لفظ الديمقراطية كمصطلح، وذلك بسبب الظروف الدولية آنذاك، واختلاف المسميات، ورغبة الميثاق في تحاشي الموضوعات المثيرة للخلاف، ولكن الميثاق تضمن عناصر الديمقراطية وأركانها (بشكل غير صريح) وذلك في مواضع أو محاور ثلاثة، كما يبدأ الميثاق بعبارة تؤكد مبدأ السيادة الشعبية كركن أساسي للديمقراطية "نحن شعوب العالم"، بما يؤكد أن المبدأ الديمقراطي موجود.
2) الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين، فقد تناولا الديمقراطية بشكل واضح، وملزم، وذلك بذكر العناصر الموضوعية لها (مبدأ إرادة الشعب، والحقوق السياسية)، والعناصر الإجرائية المتمثلة في ضرورة إظهار إرادة الشعب عبر انتخابات دورية وحقيقية، وعبر الاقتراع العام والمتساوي والسري، وبالتالي أعطيت الديمقراطية نفس القوة الإلزامية لنصوص حقوق الإنسان كونها جزء منها، ووسيلة لممارستها.
3) تأكدت الديمقراطية بشكل أوضح وقاطع في الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان، وأهمها اتفاقيتي إزالة التمييز العنصري والفصل العنصري، الذي يشمل التمييز السياسي أو انتهاك حق الشعب في الديمقراطية، وتضمنت آليات قوية أهمها المسئولية الجنائية الدولية، وحق التدخل العسكري للأمم المتحدة لإزالة التمييز العنصري "السياسي" .
4) تميزت المواثيق الإقليمية بتناولها للديمقراطية بشكل مباشر وقاطع، وتجاوزت تأكيد مفهوم الديمقراطية وقيمتها الدولية، إلى تقنين مبدأ التدخل لأجل حماية الديمقراطية ودعمها، بحيث أصبحت تشمل القارة الأمريكية والأوربية، وحتى الأفريقية التي أصدرت في2000م إعلاناً تعهدت فيه بالتحول الديمقراطي.
التوصيات:
إن أهم ما يوصى به في سياق هذا البحث ما يلي:
1) تفعيل دور الأمم المتحدة في رعاية الديمقراطية وتطبيقها، وتطوير آلياتها، خاصة في مراقبة الانتخابات، وحماية الديمقراطيات الناشئة، وتهيئة العالم إلى التحول الديمقراطي، والذي يتطلب التخطيط والدراسة المستفيضة.
2) إنشاء لجنة خاصة بالديمقراطية في أجهزة الأمم المتحدة، تماثل لجنة حقوق الإنسان، لكي تقوم بواجبها المرجو.
3) بالرغم من عدم المطالبات بتعريف الديمقراطية إلا أنه من المهم وضع العناصر الأساسية للديمقراطية لتكون حقاً دولياً، ويترك للدول حرية التنوع في المسائل الثانوية كاختيار نظاماً رئاسياً أو برلمانياً.
4) بالرغم من أن الديمقراطية لها نفس القوة الإلزامية لحقوق الإنسان، إلا أن الملاحظ عدم إعطائها نفس الآليات، فالدول تقدم تقارير عن حقوق الإنسان، ومن الضروري إلزامها بتقديم تقارير عن ضمان الحد الأدنى من المبادئ الديمقراطية، والتزامها بآليات حقوق الإنسان.
5) يجب على الجمعية العامة بسرعة إصدار "الإعلان العالمي للديمقراطية"، خاصة أن المؤتمر الدولي بالقاهرة قد قدم مشروعاً بذلك.
6) على الدول الإسلامية العمل على تأصيل الديمقراطية واعتبارها الخيار الشرعي الذي يستند إلى مبادئ القرآن الكريم والسنة النبوية، ونظرية الدولة الإسلامية الحقيقية، وعلى دول العالم الثالث محاولة الخروج من هذا التصنيف بدءاً بالديمقراطية.
قائمة المراجع :
1) القانون الدستوري والنظم السياسية، بيروت 1987م ، د / محسن خليل.
2) الديمقراطية في إفريقيا، المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد 153، يوليو 2002م، احمد حجاج.
3) مبادئ القانون الدستوري، 1940، السيد : صبري.
4) النظم السياسية، 1991م ، د. عاصم عجيلة ود. محمد عبد الوهاب.
5) نحو ديمقراطية أكبر في العالم الإسلامي، المجلة المصرية للقانون الدولي، عدد 153، 2003م، ريتشارد هاس.
6) الدورة (51) للجمعية العامة.
7) الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، النسر الذهبي للطباعة، مصر، 2003 د. محمد فهيم درويش.
8) القرار رقم 47/2000 والقرار رقم 36/2001م الخاص بالتنمية الديمقراطية.
9) مشروع الإعلان العالمي للديمقراطية، الصادر في 16 سبتمبر، 1997م.
10) القانون الدستوري والنظم السياسية ، بيروت 1987م، د / محسن خليل.
11) ملحق "الديمقراطية" العدد (1) التابع لصحيفة الجمهورية ثني الصحف الرسمية في اليمن ، تاريخ 28/5/2008م.
12) النظم السياسية ، 1991م ، د / عاصم عجيلة و د / محمد رفعت عبد الوهاب.
13) مشروع الإعلان العالمي للديمقراطية ، الذي أعده المؤتمر البرلماني الدولي ، في مصر، 1997م.
14) انون الدستوري، 1985 د / ثروت بدوي.
15) الحماية الدولية لحقوق الإنسان، د / أحمد أبو الوفاء.
16) الشرعية الدولية لحقوق الإنسان ، دار النسر للطباعة، القاهرة، 2006م، د / محمد فهيم درويش.
17) القانون الدستوري ، 1963م ، د / عبد الحميد متولي..
18) أركان حقوق الإنسان، دار العلم للملايين ، بيروت 1979 م ، د / صبحي المحمصاني.
19) تعريف الجمعية العامة لحق تقرير المصير في بواسطة اللجنة الثالثة عام 1955م.
20) التدخل الإنساني ، دار النهضة العربية ، 4 ، 2 م، د / حسين حنفي عمر.
21) التدخل الإنساني ، دار النهضة العربية، 2007م ، د / عماد الدين عطا الله.
22) النظرية العامة لعدم التدخل ، 1987م، د / محمد مصطفى يونس.
23) المنظمات الدولية ، عام 1985م، د / مصطفى سلامة حسين.
24) الفوضى والاستقرار في النظام الدولي، التقرير الاستراتيجي العربي لعام 1995م، القاهرة، مركز الدراسات السياسية ، للأهرام 1996م ، محمد السيد سعيد ، أحمد إبراهيم محمود.
25) العودة إلى ممارسة القانون الدولي الأوربي المسيحي في ظل النظام الجديد دار النهضة العربية، 1995م ، د / عبد العزيز سرحان .
26) المواد (21 ، 22 ، 19) من العهد الأول .
27) الإطار القانوني لحقوق الإنسان ، 1987 د / عبد العزيز سرحان.
28) حقوق الإنسان ، مجموعة صكوك دولية ، المجلد الأول ، الأمم المتحدة ، نيويورك ، 1993م.
29) التنظيم الدولي لحقوق الإنسان ، دار الفكر الجامعي ، 2002م ، وائل أنور بندق.
30) اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان رسالة ماجستير جامعة القاهرة 1984م، خير الدين عبد اللطيف محمد.
31) أزمة الحرية السياسية في الوطن العربي ، دار النهضة العربية 2002م ، د / صالح سميع.
32) CHALI . B . B , Agenda for Democration : Supple ment to Reports A/50/332 and A/51/512 , on Democratization 17 , Dec , 1996 , para 10 , Henkin , l . Use of force : Law and u.s , policy , un.
33) Henkin , l , Rightv Might : International Law New : Council of foreign Relations press 1989 , 9 , 44 .
34) Wippman , D , Defending Democracy Through foreign Intervention , 19 , Houston , J.l.l , 1996.
35) FRANCK, T .M, THE Emerging Right to Democratic Governance 86 American , J.I.L , 1992 .
36) SCHACHTER , O , In Defense of International Rules on The use of Force , 53 U.Chicago , l , r , 1986 .
37) Helperstam , M, The Copenhagen Document , Intervention in Support of Democracy , 34 , I , L , J , 1993 .
38) D AMATO , A , The Invasion of panama , 1982 .
39) Cutler , L , N , The Right to Intervene , 64 foreign A , 1985.
40) International convention on the Suspension and punishment of the Crime of Apartheid , in Human rights , 1992.
41) Fox , G.H. The RIGHT TO POLITICAL Particpation in International Law , Yale , J,. I , L , 1992.
42) Chesterman , s , Just war , op , cit .
(1) انظر: د / محسن خليل ، القانون الدستوري والنظم السياسية ، بيروت 1987م ، ص 413 .
(2) احمد حجاج، الديمقراطية في إفريقيا، المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد 153، يوليو 2002م، ص44.
كما ان المؤرخين يختلفون حول نشأة وتطور الديمقراطية بالمعنى المتعارف عليه في القرن الماضي.
(3) المرجع السابق، ص45.
(4) السيد : صبري، مبادئ القانون الدستوري، 1940، ص62،
(5) د. محسن خليل، مرجع سابق، ص421.
(6) د. عاصم عجيلة ود. محمد عبد الوهاب،، النظم السياسية، 1991م، ص39، وتأتي الحكومة الديمقراطية كمقابل للحكومة الفردية وحكومة الأقلية، فالأولى تكون السلطة لفرد واحد، ملك أو دكتاتور، والثانية يكون الحكم لأقلية تدعي أحقيتها بالحكم.
(7) د. محسن خليل، المرجع السابق، ص425، والدكتاتورية تعني تركيز الحكم بيد فرد واحد وصل بالقوة إلى السلطة، وخصائص الدكتاتورية: شخصية السلطة، وتركيزها بيد الحاكم فقط، وانعدام الرقابة والمسئولية، ونظام الحزب الواحد، المرجع السابق، ص403.
(8) وينتقد ماركس الديمقراطية الغربية ، بأنها ديمقراطية خيالية وسياسية فالاقتصاد فيها والاجتماع منظم على أسس ظالمة وغير قادرة على تحقيق الإصلاحات ، كونها في النهاية هي حكومة أقلية، المرجع السابق، ص 352 .
انظر : د/ عاصم عجيلة، المرجع السابق، ص352.
(9) ريتشارد هاس، نحو ديمقراطية أكبر في العالم الإسلامي، المجلة المصرية للقانون الدولي، عدد 153، 2003م، ص385.
(10) الدورة (51) للجمعية العامة، وانظر د. محمد فهيم درويش، الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، النسر الذهبي للطباعة، مصر، 2003،ص224.
(11) وأهمها القرار رقم 47/2000 والقرار رقم 36/2001م الخاص بالتنمية الديمقراطية.
(12) مشروع الإعلان العالمي للديمقراطية، الصادر في 16 سبتمبر، 1997م.
(13) ولكن بعض الفقه الدستوري يرى بأنه لا علاقة بين الديمقراطية ، وحقوق الإنسان ، فالديمقراطية كمذهب تعني سيادة الشعب واعتبار الشعب مصدر السلطة، أنظر د / عبد الحميد متولي ، القانون الدستوري ، 1963م ، ص 110.
(14) د / عاصم عجيلة، مرجع سابق ، ص 148
(15) د / صبحي المحمصاني، أركان حقوق الإنسان، دار العلم للملايين ، بيروت 1979 م ، ص 97.
(16) انظر:
- shaw, man, N, International law, 5.edition, ombridge: ambridge, university press, 2003, p.1098.
(17) أنظر: تعريف الجمعية العامة لحق تقرير المصير بواسطة اللجنة الثالثة عام 1955م، د/ محمد مصطفى يونس، النظرية العامة لعدم التدخل، مرجع سابق، ص901.
(18) انظر: د / أحمد أبو الوفاء، الحماية الدولية، مرجع سابق ، ص 48 .
(19) وتوجد أنظمة تطرح تصورها الخاص – والمغلوط – للحقوق مقابل تصور الوثائق الدولية للحقوق ومثالها دول الخليج، أنظر د / محمد فهيم درويش ، الشرعية الدولية ، مرجع سابق ، ص 171.
(20) د / محمد فهيم درويش ، المرجع السباق ، ص 172 ، كما أشار مشروع الإعلان العالمي للديمقراطية إلى بعض ضوابط الانتخابات الحقيقة.
(21) مشروع الإعلان العالمي للديمقراطية، 1997م .
(22) أنظر: مشروع الإعلان العالمي للديمقراطية ، الذي أعده المؤتمر البرلماني الدولي ، في مصر ، ص 2 ، 1997م.
(23) انظر: د / ثروت بدوي ، القانون الدستوري، 1985، ص402.
(24) انظر : د / أحمد أبو الوفاء ، الحماية الدولية لحقوق الإنسان ، مرجع سابق ، ص 49.
(25) نفس المرجع، ص50.
(26) انظر : د / محمد فهيم درويش ، الشرعية الدولية لحقوق الإنسان ، دار النسر للطباعة، القاهرة، 2006م، ص 138.
(27) مشروع الإعلان العالي للديمقراطية مرجع سابق، ص3 .
(28) انظر: د / حسين حنفي عمر، التدخل الإنساني، دار النهضة العربية، 4 ، 2 م ، ص101.
(29) انظر : د / عماد الدين عطا الله ، التدخل الإنساني ، دار النهضة العربية، 2007م ، ص 542 ،
وأنظر :
- CHALI . B . B , Agenda for Democration : Supple ment to Reports A/50/332 and A/51/512 , on Democratization 17 , Dec , 1996 , para 10 , Henkin , l . Use of force : Law and u.s , policy , un.
(30) انظر :
- Henkin , l , Rightv Might : International Law New : Council of foreign Relations press 1989 , 9 , 44 .
(31) انظر:
- Wippman , D , Defending Democracy Through foreign Intervention , 19 , Houston , J.l.l , 1996 , p , 664.
(32) انظر :
- FRANCK, T .M, THE Emerging Right to Democratic Governance 86 American , J.I.L , 1992 , P , 47 , 50.
(33) انظر :
- SCHACHTER , O , In Defense of International Rules on The use of Force , 53 U.Chicago , l , r , 1986 , p , 98.
أنظر: د / محمد مصطفى يونس، النظرية العامة لعدم التدخل، 1987م ص 403 .
(34) د / مصطفى سلامة حسين ، المنظمات الدولية ، عام 1985م ، ص 19 ، وتم الاعتراف صراحة بالإطار الخارجي لحق تقرير المصير والذي يعني الكفاح ضد الاستعمار ، في إعلان منح الاستقلال 1960م .
(35) انظر:
- Helperstam , M, The Copenhagen Document , Intervention in Support of Democracy , 34 , I , L , J , 1993 , P , 520
(36) انظر:
- D AMATO , A , The Invasion of panama , 1982 , p , 520
(37 ) انظر:
- Cutler , L , N , The Right to Intervene , 64 foreign A , 1985 , p , 106
(38) انظر: محمد السيد سعيد، أحمد إبراهيم محمود، الفوضى والاستقرار في النظام الدولي، التقرير الاستراتيجي العربي لعام 1995م، القاهرة ، مركز الدراسات السياسية ، للأهرام 1996م ، ص 39.
(39) وأكدت الجمعية العامة في ذلك القرار على أن إرادة الشعب هي مصدر الحكم ، وتلك الإرادة لا يعبر عنها إلا عبر انتخابات حرة ونزيهة بوصفها العامل الحاسم لتمتع الجميع بحقوق الإنسان .
(40) انظر : د / عماد الدين عطا الله المحمد ، التدخل اٌلإنساني ، مرجع سابق ، ص541.
(41) انظر: د.عبد العزيز سرحان، العودة إلى ممارسة القانون الدولي الأوربي المسيحي في ظل النظام الجديد دار النهضة العربية، 1995م، ص172.
(42) انظر: المواد (21 ، 22 ، 19) من العهد الأول.
(43) انظر :
- International convention on the Suspension and punishment of the Crime of Apartheid , in Human rights , 1992 , p 33 – 35.
(44) انظر : د / عبد العزيز سرحان ، الإطار القانوني لحقوق الإنسان ، 1987 ، ص 132
(45) انظر: حقوق الإنسان، مجموعة صكوك دولية، المجلد الأول، الأمم المتحدة ، نيويورك ، 1993م ، ص 110 وما بعدها .
(46) انظر: د / أحمد أبو الوفاء، الحماية الدولية لحقوق الإنسان، مرجع سابق ، ص 137.
(47) انظر : د / عبد العزيز سرحان ، الإطار القانوني لحقوق الإنسان ، مرجع سابق ، ص 137.
(48) أنظر : وائل أنور بندق ، التنظيم الدولي لحقوق الإنسان ، دار الفكر الجامعي ، 2002م ، ص101
(49) قرار الجمعية العامة رقم (50/185) لسنة 1995م الخاص بتقوية دور الأمم المتحدة في تعزيز فاعلية مبدأ الانتخابات الدورية ، والنزيهة وتعزيز الديمقراطية ، والقرار الخاص بضرورة التأكيد على مبدأ السيادة وعدم التدخل فيما يتعلق بالعمليات الانتخابية عام 1997م ، أنظر د / أحمد أبو الوفاء الحماية الدولية لحقوق الإنسان مرجع سابق ، ص 50.
(50) أنظر: خير الدين عبد اللطيف محمد ، اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان رسالة ماجستير جامعة القاهرة 1984م .
(51) حقوق الإنسان ، مجموعة صكوك دولية ، مرجع سابق ، ص 105.
كما أن الميثاق الأمريكي قرر بان الحقوق الواردة فيه تطبق مباشرة دون حاجة لاتخاذ إجراءات وطنية مع تكاليف الدول باتخاذ الإجراءات الوطنية، وهو ما يعزز من الأهلية الدولية للفرد م (2) منها ولم ينص الميثاق الأمريكي على حق تكوين الأحزاب صراحة.
(52) انظر :
- Fox , G.H. The RIGHT TO POLITICAL Particpation in International Law , Yale , J,. I , L , 1992 , P , 568.
(53) د / عماد الدين عطا الله المحمد ، التدخل الإنساني مرجع سابق ، ص 543.
وقد لخص أحد الفقهاء مظاهر الأزمة في الحرية السياسية في الوطن العربي ، بأنها تتمثل في : 1- قيود عملية الديمقراطية 2- النظام الواحدي ذو المنحنى الوراثي (البحرين ، السعودية ، قطر ، عمان ، الأمارات، الكويت). 3-النظام الدستوري ذو الواحديه الحزبية ويشمل الأنظمة الملكية (الأردن ، المغرب) والأنظمة الجمهورية (سوريا ، العراق ، الجزائر) وخلص الفقه السابق إلى أن أثار الأزمة تمثلت في انتهاكات حقوق الإنسان ، أنظر د / صالح سميع أزمة الحرية السياسية في الوطن العربي ، دار النهضة العربية 2002م ، ص 37 وما بعدها.
(54) وقد أصدرت المنظمة قبلها عدة وثائق منها إعلان هلسنكي وميثاق باريس لأوربا الجديدة عام 1990م وتعهدت فيه الدول على أن الديمقراطية هي الأسلوب الوحيد المقبول للحكم في تلك الدول ، وأصدرت وثيقة موسكو 1991م ، تعهدت فيها الدول بقبول التعددية السياسية وإدانة أي قوة تغتصب إرادة الشعب.
(55) د / عماد الدين عطا الله ، مرجع سابق ، ص 553.
(56) انظر :
- Helperstam , M, The Copenhagen Document Intervention in support of Democracy , 34 Harvard , I , L , J , 1993, P , 166.
(57) انظر :
- Chesterman , s , Just war , op , cit , p , 95.
(58) انظر : المجلة المصرية للقانون الدولي، احمد حجاج، الديمقراطية في إفريقيا، عدد 153، 2003م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق